مقالات

احتفال المصري القديم برأس السنة

احتفال المصري القديم برأس السنة

نهى عراقي

أيسك.. في هذه الأيام من كل عام يتساءل البعض هل المصري القديم احتفل برأس السنة الجديدة.. وكيف كانت طقوس الإحتفال؟

الحقيقة كانت تقام مظاهر مختلفة ومتنوعة للبهجة في احتفال المصريين القدماء برأس السنة، والتقرب من الكهنة لمعرفة توقعات المستقبل.

ومن المعروف أنه ارتبط ظهور الحضارة على ضفاف النيل بالزراعة، إذ تعد الزراعة أنها كانت المُلهم الأول لكل أشكال التفاعل الإنسان قبل آلاف السنين، لعل أهمها التقويم الزراعي، وما ارتبط به من مناسبات مثل عيد رأس السنة المصرية المعروف بعيد “وبت رنبت”.

ويوافق رأس السنة المصرية القديمة في أيامنا هذه يوم 11 سبتمبر في الأشهر الميلادية، وكما يعرف اليوم باسم “عيد النيروز” لدى أقباط مصر، حيث تُقام الصلوات بالكنائس الأرثوذكسية حول العالم عشية عيد النيروز.

احتفال المصري القديم برأس السنة
احتفال المصري القديم برأس السنة

كما تُقام قداسات صباح يوم 11 سبتمبر بالكنائس، للاحتفال بعيد النيروز، فما قصة هذا العيد الذي يعود لآلاف السنين.

كان مع شروق يوم 11من سبتمبر من كل عام تبدأ أولی أيام السنة الفرعونية الجديدة حيث أعلن التوقيت المصري الفرعوني بداية عام 6255 وبذلك يسبق التاريخ الميلادي بأكثر من 4000 عام.

ومن دراسة أعدها مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية بصعيد مصر، وكان قد أعدها دكتور محمد يحی عويضة والدكتورة منی أبو هشيمة، أن مصر كانت تتحول إلی ساحة من الاحتفالات والمهرجانات طوال خمسة أيام قبل حلول العام الجديد وتنتهي بحلول ليلة رأس السنة.
وأوضحت الدراسة أن السنة لديهم كانت تقسم إلی 365 يوما يتكون منها 12 شهر، كل شهر منها 30 يومًا إضافة إلی خمسة أيام النسئ أو الخمسة أيام المنسية وقد أسقطوهم الفراعنة من التاريخ، وهم الخمسة أيام الأخيرة من العام التي تقوم فيهم الإحتفالات

وقد قسمت السنة إلی ثلاثة فصول، هم الفيضان و الشتاء و الصيف، وكان من أبرز العادات الاجتماعية في هذا الاحتفال زوال أي خلافات أو مشاحانات ويتقاسمون الطعام والشراب وتقام حفلات الزواج في مساء اليوم الأول من شهر توت الذي يمثل بداية العام الجديد، وسمی بهذا الإسم نسبة إلی حتوت الكاتب والعالم الكبير، وقد إعتبروه من الألهة.
وكان يجدد لمن سبق لهم الزواج شهر العسل وكان آمون يترك عرشه ليقضي مع زوجته “موت” شهر عسل جديد بالمقصورة الجنوبية بمعبد الأقصر المطل علی نهر النيل.

احتفال المصري القديم برأس السنة
احتفال المصري القديم برأس السنة

وكان من العادات أيضا في الاحتفالات والمهرجانات والسباقات تناول الأطعمة والمشروبات كالأوز المشوي والسمك المجفف و البط البري والفطائر المحشوة والكعك، وكانوا يعدون المشروبات مثل النبيذ الطازج وعصير العنب المخمر.

وقد حرص المصري القديم علی تسجيل احتفالاتهم برأس السنة علی جدران مقابر النبلاء بجبانة طيبة في البر الغربي لمدينة الأقصر، وهناك أكثر من تسعة عشرة مقبرة تعد بمثابة سجل تاريخي تصور لنا كيف يحتفل المصريين القدماء بالعام الجديد.

وذكرت عالمة المصريات الفرنسية، كريستيان دي روش نوبلكور، مشهد احتفال قدماء المصريين برأس السنة، في دندرة حيث معبد حتحور الجميل، بأنه كان موكبا مهيبا يرأسه الكهنة، ويسير نحو قدس أقداس المعبد ويعود حاملا تمثالاً على هيئة طائر برأس امرأة مصنوع من الذهب اسمه ” باي ” وكان يتم وضع هذا التمثال داخل ناووس زجاجي صغير، ويسير به الكهنة في الموكب الذي كان يتوقف في أماكن محددة بالمعبد، لوضع تيجان مختلفة رمزا للقوى المتعددة التي تتمتع بها المعبودة حتحور.

وأضافت أنه عند وصول الموكب إلى سطح المعبد يتجه لإحدى الغرف لوضع الناووس والتمثال الموجود به، وعندما تشرق الشمس في موعدها فإن أول شعاع لها يسقط على وجه ” باي ” داخل الناووس الذي أزيلت عنه الستائر، وكأن الحياة تدب فيه مع الموسيقى التي كانت تعلو أصواتها في كل البلاد وبعد هذا تعم الاحتفالات ومظاهر الفرح والسرور طوال اليوم.

وحول المدة التي كانت تستغرقها احتفالات قدماء المصريين برأس السنة وقدوم العام الجديد، أشار لموقع “مصراوي” عالم المصريات الدكتور منصور النوبي إلى أن تلك الاحتفالات كانت تستمر لليالي وأيام، وكانت موسما للإجازات وحفلات الخطبة والزواج وإقامة المناسبات الاجتماعية السعيدة.

الاحتفال بشجرة الكريماس يرجع لاحتفال المصريين القدماء، بما يعرف بـ«قيامة أوزوريس» من بعد رجوعه للحياة على هيئة شجرة كبيرة زرعها الكهنة، وسط الميادين إشارة منهم لاستمرار حياة أحبائهم في عالم ما بعد الحياة «شجرة الحياة» كما أطلقوا عليها.

وأضاف أن الاحتفال بشجرة الحياة ليكن اسمها الكريسماس، انطلق مع تغيرات الحقب الزمنية والمسميات، وبدأت من الشرق حتى وصلت الغرب، مختارين الأشجار التي تحتفظ بنضارتها طوال السنة مثل السنوبر والسرو، معلقًا: «الاحتفال بعيد أوزوريس الذي تحول لشجرة خير وعطاء وصار احتفال عالمي، مرجعًا الاحتفال بشجرة الكريسماس للفراعنة، متجسدة في شحرة الحياة بعد عودة أوزوريس أوزير.

ويقول الدكتور ميسرة حسين لسكاي نيوز: “رغم تغير التسمية إلا أن مظاهرة الاحتفال كانت واحدة؛ حيث كانت الأيام الخمسة التي تسبق العيد تعتبر “إجازة”، يتوقف فيها الجميع عن العمل، ويقوم المصريون بتنظيف البيوت والمعابد التي يعاد طلاء ألوانها، استعدادا للعيد”.

احتفال المصري القديم برأس السنة
احتفال المصري القديم برأس السنة

وفي بداية العيد كانت تقام طقوس نهاية العام، حيث يتم إحضار جميع تماثيل الموتى في اليوم الأخير، وترتل التراتيل في توقيت بداية من ظهر هذا اليوم حتى وقت العصر، وكانت تهدف هذه الترانيم إلى صعود أرواح الراحلين حتى تجدد نفسها، ليتم استقبالها مجددًا قبل وقت الفجر.

ومع اليوم الأول من العام الجديد تعود الأرواح إلى الأرض من جديد، لتسكن التماثيل، وتبدأ الطقوس الاحتفالية الضخمة بالرقصة والغناء، وتناول الأطعمة، مثل اللحوم والأسماك والفطائر المحلاة بالعسل والذبيب، وأيضًا تناول المشروبات الروحية، إلى جانب زيارة المقابر وتوزيع الصدقات والزهور. 

وفي ختام حديثه لموقع سكاي نيوز عربية يُرجع الدكتور ميسرة حسين تاريخ الاحتفال بهذا العيد إلى ما لا يقل عن 12 ألف عام، أي منذ عرف المصريون علم الفلك الذي من خلاله يتم تحديد بداية السنة والانقلابات الربيعية والخريفية.

Home

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى